بئر الندم

لا تبني بيتا من أمل بحبات من رمال لأنه سيهدم مع أول موجة تلامس الشاطئ .. ولا تشيد جسرا من مشاعر وأحاسيس لأنك ستسقط لا محالة في بئر الندم بعدما تخار قواك من الوجع وقسوة الألم .. ولا تنسج من الأحلام أوهام .. لأنك بعد لحظات ستستفيق من الحلم الجميل وترتطم رأسك بواقع مرير..

عش قانعا بألمك ووجعك ولا تسعى كثيرا لتطيب الجراح .. ربما جرحك وإن كان غائرا أرحم من طعنة غادرة تنفذ لقلبك فتدميه ما تبقى من العمر ..

بعض القلوب تظل صامتة مهما مرت سنوات .. لا تشتكي ولا تصرخ ولو هزمتها الآهات .. فلا فائدة من صراخ وسط صحراء .. لن يسمعك.. ولن ينقذك.. ولن يرق لحالك أحد ..

تظل هذه القلوب الصابرة تقاوم وتعافر رغبتها أن تغادر كهف الصمت لتبصر نور الحب.. دوما تشعر أنها ستعود مكسورة المشاعر .. مهزومة الإحساس .. فتنزوي بصمتها بعيدا عن الناس.. فالصمت أحيانا أبلغ من الكلام خاصة لقلوب تتعمد النسيان وترفض استجداء العطف فتسقط صريعة الأحزان ..

كيف لقلب ظل عشا من الأمان أن يطلب يوما الحنان.. وكيف لقلب ظل فيض من العطاء أن ينتظر لحظة وفاء .. هي قلوب بيننا تحتوينا بحبها وتمنحنا الدفء فنهرول سريعا نحوها لنلقي برؤوسنا في أحضانها .. نظل نقسو عليها وننهل من نهر حبها النقاء والصفاء .. ونغفل أنها مثلنا تحتاج أن نمنحها الحب ونبادلها العطاء .. ويأتي يوم فنجد هذه القلوب المعطاءة ذبلت وتوارت حزنا .. فنتجرد من الإنسانية ونتركها ونرحل بقسوة .. وندفنها في بئر الصمت والنسيان .. وترحل هذه القلوب بعدما ينضب الحب والأمان والحنان ولا يبقى إلا الأحزان ..