background img

آخر الموضوعات

شقيقي القبطي


نعم شقيقي القبطي .. اسمه سامح عادل سامي ميخائيل , تربينا سويا منذ نعومة أظافرنا في بلدتنا الصغيرة كفرصقر بمحافظة الشرقية , لم ينتبه أحدا منا يوما أو يجول بخاطره ليسأل الآخر عن دينه فالحب في قلوبنا لم يعرف دين ولا حواجز لانه صادق وفطري لم تلوثه أحقاد ولا تعصب.
اتذكر عندما حرضني زميل لنا في مرحلة الدراسة الثانوية بدأ يتبع الفكر السلفي على مقاطعة سامح بدعوى انه مسيحي، وسرد لي حديث عن النبى صلى الله عليه وسلم يقول: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل".. اعترف بأنني ارتبكت واحترت، فلم أجد من ألجأ إليه إلا والدي أعطاه الله الصحة والعافية، فقال لي بصوته الهادئ وحكمته الكبيرة: "يابني طول عمرنا متربيين سوا مسيحي ومسلم .. بنقسم اللقمة سوا .. شغلنا سوا .. يومنا كله مع بعض .. الفرق الوحيد .. ان صاحبي وصديقي المسيحي بيدخل يصلي في الكنيسة وانا بدخل اصلي في الجامع ".. وقعت كلمات والدي علي قلبي وعقلي مثل دش الماء البارد فوقني وبدأت عيوني تتفتح على أمور كثيرة في معاني المحبة والتراحم والود بيننا كمصريين دون النظر لديننا.
ظلت علاقتي بسامح على الود الجميل والاخوة الاجمل .. كان يأتي عندي أو أزوره في بيته لنذاكر في مرحلة الثانوية العامة وعندما يسمع صوت الأذان يقول لي قوم صلي .. وعندما كنت اخرج معه لنتسم الهواء لفترات بعيدا عن أجواء المذاكرة كان يأخذني للكنيسة .. انتظره في حديقتها حتى يفرغ من صلاته .. ثم نكمل يومنا سويا .. قلوبنا البريئة كنت تحمل الحب فقط .
وأتذكر بالخير والده رحمه الله عندما كان يحملني دوما السلام لوالدي في ختام كل زيارة لسامح أما والدته فكانت بشوشة وتصر أن اتذوق ما لذ وطاب من طعامها الجميل .. وشقيقته دينا كانت تقابلني دائما بوجه بشوش وابتسامة جميلة.
أنهينا المرحلة الثانوية والتحقنا سويا بكلية الآداب بجامعة الزقازيق واختار هو قسم علم النفس , وأنا قسم التاريخ .. ولم يفرقنا بعد المكان فأرواحنا دوما كانت متحابة .. كنت نسافر يوميا من بلدتنا كفر صقر للزقازيق حيث مقر الجامعة ونعود سويا لو كانت المواعيد مناسبة .. مرة وجدت زميلة لي تقول لي سأل عليك أخوك .. قلت لها ماليش أخوات في الكلية! قالت اللي شبهك ده في قسم علم النفس! .. نعم حتى الشكل والملامح تتشابه كثيرا .. من الشنب وتجاعيد الوجه وشعر الرأس .. قبل أن يصلع هو دون سابق إخطار.
وعندما كنا نلتقي على هامش المحاضرات كان الحديث لا يخلو من قفشات ونوادر واسترجاع لأهم ذكريتنا الجميلة .. وكانت لنا لغة مشتركة نخلط بها العربية بالعامية .. كانت تضفي على الحديث حلاوة وود جميل.
تخرجنا في الجامعة، وشاء القدر أن نبدأ المشوار سويا في القاهرة، ولكن كل منا في مجال مختلف وبعيد عن دراسته، فذهب هو لشركة تعمل في البحث عن آبار للبترول رغم ان أخره في حدود علمي كان يدوب يشك عود كبريت او يولع وابور جاز .. اما انا فامتهنت مهنة البحث عن المتاعب الصحافة .. ثم سافرت للخارج سنوات وانقطعت بنا السبل .. وخلال اجازاتي القصيرة حرصت على الوصول لسامح ومعرفة اخباره والاطمئنان على احواله.. كانت سويعات قصيرة ولكنها كانت كافية للاطمئنان على صديق العمر .. وعندما استقر بي المطاف بعد رحلة شاقة في الغربة كان اول من بحثت عنه بعد سنوات الغربة هو سامح .. ليس معي رقمه موبايله .. ولكن لدي اجندة قديمة بها هاتف شركته .. اتصلت بالشركة وعرفت موعد عمله، وفجأة وجدني على الهاتف أقول له وحشتني ..
قد يكون هناك اصدقاء يضرب بهم المثل افضل مني وسامح.. ولكن المعنى والمقصد ان الصداقة والمحبة لاتعرف دين .. فهي في القلوب الصادقة .. واظنها رصاصة في عقل كل متعصب ظهر علينا اخيرا ليحرض على الفتنة الطائفية

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ما رأيك في المدونة ؟

بحث هذه المدونة الإلكترونية

آخر الموضوعات